تتويج “فلسطين الصغرى” في ختام مهرجان عمّان السينمائي
أغسطس 2, 2022فنانون عرب يعاينون قدرات الشخصيات الدرامية بالأعمال السينمائية
أغسطس 2, 2022إسراء الردايدة– ظافر العابدين؛ ممثل ومخرج وكاتب تونسي، قدم أدوارا درامية مختلفة في مصر ولبنان كان آخرها مشاركته في مسلسل عروس بيروت”، يتقن التمثيل بلهجات عربية متعددة بين المصرية واللبنانية وحتى الإنجليزية.
يشارك العابدين المتواجد في الأردن، في مهرجان عمّان السنيمائي الدولي-أول فيلم، بفيلمه “غدوة”، وهو واحد من أهم ممثلي الساحة الفنية العربية لمهارا
وتحدث ظافر في مقابلة مع “الغد” عن فيلمه “غدوة” الذي يتحدث عن الأوضاع الاقتصادية في تونس، وشخصيته الرئيسية التي تمثل فئة كبيرة من التونسيين في فترة الديكتاتورية، والفيلم صنعه الآن للحديث عن تلك الفترة والتغيير وأهميته.
في هذه التجربة الأولى خلف الكاميرا، يجمع “ظافر” الأدوار، حيث يقوم بإخراج نفسه ومراحله، كمخرج وممثل، ولكن أيضًا ككاتب مشارك ومنتج مشارك.
العابدين أكد على أن الممثل ليس بالضرورة أن يتقن كافة الفنون السينمائية التي تشمل الإخراج والنتاج والكتابة، والتي اكسبها من خلال خبرته، ولكن ينبغي أن يكون ملما بالحد الأدنى.
وفيما لعب أدوارا مختلفة في مسلسلات تلفزيونية، يجد أنه لابد من إجادة اللهجات التي تتطلب فهمها والاجتهاد لتعلمها والتي تضفي تنوعا كبيرا وتثري العمل وتقويه.
واعتبر أن الأعمال المقتبسة من دول ولغات أخرى كما في مسلسله” عروس بيروت” المقتبس عن عمل درامي تركي” عروس إسطنبول” يكون أكثر نجاحا وقبولا حين يتم تكييفه ليتناسب مع البيئة والثقاف وأقرب إليها.
وعن مهرجان “عمّان السينمائي“، رأى العابدين أنه يمثل متنفسا للمخرجين من خلال دعمه للأعمال الأولى “أول فيلم” والذي يمثل حاضنة لهم ومساحة للتعبير والتشبيك.
وبين أن “الأفلام التي تم اختيارها قوية وجابت مهرجانات دولية، ولها قيمة فنية وتحمل قصصا رائعة تستحق المشاهدة، فيما التنظيم للمهرجان ذا مستوى عال ودقيق، ويوفر لصناع الأفلام والعالمين في القطاع للتفاعل في مكان واحد وسط بيئة إبداعية خلاّقة ومنتجة”.
غدوة.. بين الماضي والحاضر
في “غدوة” نجد أنفسنا في عام 2021. “حبيب”، الشخصية الرئيسية، محامٍ يبلغ من العمر 40 عامًا، أصيب بصدمة من الانتهاكات التي ارتكبها النظام السابق والتي عانى منها هو نفسه. يطالب بـ “الحقيقة والعدالة ثم المصالحة”.
هذا الثلاثي يطارده، وهو يكافح، بعد عشر سنوات من انتفاض التونسيين ضد نظام بن علي الاستبدادي (1987-2011)، للمطالبة بالحرية والكرامة.
“حبيب” مهووس بهذا السعي، محبطًا من نظام لم يتغير على الرغم من الانتفاضة الشعبية، وهو الذي لا يزال يعاني من ندوب نفسية ناتجة عن التعذيب في ظل النظام القديم، يكرر في لحظات الهذيان أن “الثورة قادمة”، وكأنه يرفض الاعتراف بأنها مرت بالفعل وأنها خانت آماله.
خاب أمله، وهو يتجول في شوارع تونس العاصمة المحبطة، حيث يستمر الفقر وانتهاكات الشرطة، ويبدو أن الأمل في حياة أفضل قد تلاشى.
فهو يرفض قبول أن هذه الحقيقة هي نتيجة ثورة غذت الكثير. التطلعات، وحطمت الكثير من الأحلام.
علاقة “حبيب” بابنه “أحمد”، المحور الأساسي في الفيلم، فهي علاقة محببة. أحمد (يلعب دوره أحمد برهومة) مرتبط جدًا بوالده، حتى مع تدهور صحته.
مع تقدم الفيلم، يتم عكس الأدوار ويتولى الابن مسؤولية والده. لا يفهم أحمد ارتباط والده بهذه القضية التي تذكره بشياطينه، لكنه لا يحكم عليه أبدًا. إنه يحبه كما هو، وهو على وشك أن يأخذ الشعلة ويمشي على خيط الأمل.
نجح الممثل الرئيسي والمخرج والكاتب المشارك (مع أحمد عامر) والمنتج المشارك لفيلمه ظافر العابدين في مواجهة التحدي المتمثل في التواجد على جانبي الكاميرا، واختيار بشكل خاص عدم المرور بعملية الإنتاج التقليدية.
“غدوة” فيلم يتناول مسألة ما قبل الثورة وبعدها بطريقة معينة ودون الوقوع في كليشيهات أو خطاب سياسي.
يواجه الفيلم صعوبة في الاستقرار في البداية وقد يكون هذا اختيارًا سرديًا من جانب المخرج لتوضيح تأثير المرض على شخصية حبيب وطريقته في إدراك العالم.
ولكن بمجرد انتهاء الجزء الأول، يجد الفيلم إيقاعًا معينًا يخطف الأنفاس.
حقيقة أخرى رائعة في هذا الفيلم الروائي الأول للنجم هي التمثيل. لقد بذل ظافر العابدين قصارى جهده لتفسير هذا الدور بشكل مختلف تمامًا عن آليات ممثل المسلسل التلفزيوني.
وفيلم “غدوة” يتعامل مع ذهان رجل في سن معينة، يعاني من جنون العظمة في أعقاب الانتهاكات التي وقعت في ظل دكتاتورية نظام بن علي السابق.
لكن هذا ليس كل شيء لأن سوء المعاملة هذا يستمر حتى بعد الثورة ويخاطر بالوصول إلى الأجيال القادمة.
وبهذا المعنى يوحي لنا الفيلم أن هناك مسؤولية ثقيلة تقع على عاتق الأجيال القادمة وواجبا شاقا.
مع العلم أن إعادة الفيلم متاحة اليوم الثلاثاء.