في مئوية التأسيس .. الثقافة مرتكز أساسي لنهضة الأردن
يونيو 9, 2021مهرجان عمان السينمائي الدولي يعلن عن فريق عمله وملصق الدورة الثانية
يوليو 7, 2021الدولة الحديثة يؤسسها المناخ الإيجابي للفنون والمعارف والآداب.
من 1921 إلى 2021 مئة عام مرت على تأسيس الدولة الأردنية الحديثة، والتي رافقها منذ نشأتها حراك ثقافي شمل مختلف المجالات الأدبية والمعرفية والفنية من مسرح وموسيقى وفنون تشكيلية وسينما وغيرها، حيث كان للجانب الثقافي والفني دور كبير في التأسيس لمجتمع حداثي منفتح على محيطه الإقليمي والعالمي. فكيف كانت النشأة وكيف تطور المشهد الثقافي الأردني طيلة المئة عام الماضية؟
عمان – فكرة بداية مأسَسَة الحالة الثقافية والإبداعية في الدولة الأردنية الحديثة؛ المملكة الأردنية الهاشمية، بدأت بواكيرها عشية تأسيس الدولة التي تشهد احتفالات مئويتها الأولى في عامنا هذا 2021.
وتمثلت المأسسة برعاية الثقافة منذ بواكير تأسيس الدولة، على يد الملك الراحل عبدالله بن الحسين، الذي أطلق أولى لبنات المشروع الثقافي متمثلا بجريدة “الحق يعلو”، حينما وصل لمدينة معان عام 1920، والتي كانت تحمل الخطاب الثقافي والسياسي لمشروع الدولة الأردنية الحديث.
الماضي الحاضر المستقبل
تتلو “الحق يعلو” بالصدور، بعد إعلان تأسيس الدولة الأردنية سنة 1921، جريدة “الشرق العربي” التي حملت ذات الخطاب عام 1923، في وقت لم تكن تصدر في منطقة الأردن أي صحيفة تشكل حاملا وناشرا ثقافيا ومعرفيا، وتعمل على تكريسهما كنقطة انطلاق لآفاق العلم والثقافة الرحبة.
ورسخ الملك المؤسس، وهو في ذات الوقت أديب وشاعر، هذا النهج المرتكز على الثقافة والمعرفة، فشهدت حركة الشعر في الأردن تناميا واضحا، خاصة من خلال مجلسه الأدبي الذي كان بمثابة صالون ثقافي وملتقى للأدباء والمثقفين، احتضن رموز الأدب والثقافة والشعر في الأردن والوطن العربي، علاوة على ما كان يشهده من مساجلات شعرية بينه وبين عدد منهم؛ محمد علي الحوماني ونديم الملاح وفؤاد الخطيب وسعيد البحرة وتيسير ظبيان وعرار (مصطفى وهبي التل) وحسني زيد الكيلاني وغيرهم الكثير.
وأصبح المجلس الأدبي شرق الأردن محط أنظار المثقفين العرب، وبدأت عجلة الحركة الثقافية تدور، حيث تأسس أول مجمع علمي في البلاد في يوليو 1923 برئاسة الشيخ سعيد الكرمي، بهدف إحياء الآثار القومية ورفع منارة المعارف العربية، وقد عقد أولى جلساته في شهر سبتمبر من العام نفسه وحدد أهدافا مهمة كان منها: إلقاء المحاضرات العامة في ندوة المجمع، وإنشاء مكتبة عامة، وإصدار مجلة شهرية تُنشر فيها أفكار أعضاء المجمع، لتكون حلقة وصل بينه وبين دور الكتب والمجامع العلمية وأمهات المجلات.
وفي سنوات لاحقة صدر قانون مجمع اللغة العربية الأردني في عهد الملك الراحل الحسين بن طلال عام 1976، وبدأ المجمع نشاطاً كبيراً في خدمة اللغة العربية.
ومنذ نشأتها دعمت الدولة الحديثة تأسيس الصحف والنشر من خلال جلب أول مطبعة إلى عمَّان عام 1922، ثم ظهرت مطبعة الحكومة عام 1925، ثم ظهرت مطابع أخرى مهمة منها مطبعة الاستقلال العربي عام 1932 وأسهمت بنشر ثقافة الطباعة التجارية.
وكانت قد بدأت حركة الفن التشكيلي في عهد الإمارة مع قدوم الفنان اللبناني عمر الأنسي عام 1922، وبعده التركي ضياء الدين سليمان، الذي أقام أول معرض فني له في فندق فيلادلفيا في عمان، وحظي التشكيليون برعاية خاصة من الدولة الأردنية الناشئة حينها.
كما انتشرت دور السينما في عمان منذ نهاية العشرينات من القرن الماضي، أي مع بدايات الدولة الأردنية، ومخاض تشكيل مجتمع مدني ومشهد اجتماعي ثقافي جديد، وتشير عدد من المصادر إلى أن أول دار للسينما في عمان كانت دار سينما النصر، وتم افتتاحها في نهاية العشرينات وصاحبها هو أبوصياح القباني.
وفي مدينة إربد في منتصف العشرينات، انطلقت صالة البترا واحتوت على ماكينة عرض تعمل على البطاريّة، حيث يدخل المشاهدون ويجلسون على الأرض، ثم تم بناء سينما الزهراء في أواخر العشرينات وافتتاحها بداية الثلاثينات من القرن الماضي، فيما اكتشف حديثا بجهود بحثية أردنية دار سينما بمنطقة الصفاوي بالمفرق تعود للفترة ما بين 1933 – 1934 وبنيت بأياد أردنية وبتصميم إنجليزي.
واهتمت الدولة الأردنية الحديثة منذ نشأتها بالسينما، ومع ظهور السينما الناطقة في أوائل الثلاثينات، أنشِئت دار للسينما “سينما البتراء” بمواصفات دور السينما مكتملة شروط العرض عام 1935، وتعد أول سينما بتلك المواصفات الدولية، وكانت تعرض فيها كذلك المسرحيات والوصلات الموسيقية والغنائية لفرق عربية، وقد شهدت عام 1943 حضور الموسيقار فريد الأطرش وشقيقته أسمهان لافتتاح العرض الأول من فيلمهما “انتصار الشباب”، كما عرضت فيها مسرحية “كرسي الاعتراف” ليوسف وهبي وقدمتها فرقة المحمصاني اللبنانية في نهاية الأربعينات من القرن الماضي، ثم سينما “الإمارة” التي أنشئت بعدها في مطلع الأربعينات.
وفي تلك الحقبة الزمنية كان المسرح يسير بخطى ثابتة وواثقة، إذ كان هناك كُتاب كَتبوا للمسرح، ثم بدأت حركة المسرح كفعل من خلال المدارس والكنائس، فكانت الإشارات الأولى لعمل تمثيلي مدون عام 1918، وقبلها كانت أنشئت أول جمعية في الأردن تُعنى بالمسرح وشؤونه عام 1914 وسميت “جمعية الناشئة الكاثوليكية العربية” وازدهرت الأعمال المسرحية على يد روكس بن زائد العزيزي ومحمد المحيسن وغيرهم، فقدم العزيزي الكثير من الأعمال المسرحية منها “السموأل” عام 1923، و”الرشيد والبرامكة” و”صلاح الدين الأيوبي”؛ عام 1924، وقدمت عروضا مسرحية في عمان والسلط وعجلون منذ عام 1927.
وبالتزامن مع تأسيس الدولة تشكلت موسيقات القوات المسلحة الأردنية عام 1921، ليتم بعدها تكوين فرقة دار الإذاعة برام الله وفرقتين من موسيقى الجيش، فكانت هذه بمثابة بذور النهضة الموسيقية المقبلة وأسسها.
يستند الأردن على تاريخ للوجود الإنساني يتجاوز 8 آلاف عام، ويحتوي إرثاً ثقافياً يشهد على إسهاماته الكبيرة في حقب تاريخية قديمة ومهمة، كما مهد لنشوء الكتابة والحرف العربي عندما قدم الأنباط الحرف وانتقلوا به من الآرامية إلى العربية، وهو ما يمثل إسهاما مهما في السياق الحضاري العالمي.
وشهد الأردن كذلك تنوعا ثقافيا بارزا، وكان من أوائل المساهمين في بواكير ظهور المشروع الإسلامي، وفي العهود الإسلامية المبكرة كان للجغرافيا والثقافة الأردنيتين دور مهم في السياق الحضاري، وهو ما استفادت منه الدولة الحديثة التي سعت إلى ربط الماضي التليد، بما له من جذور وتراث وهوية ومنجزات معرفية وفنية، بالحاضر والمستقبل، حيث أولى الأردن اهتماما كبيرا بإنشاء المتاحف، إذ يُعد متحف آثار جرش أقدم متحف في الأردن ويعود لعام 1928 وأقيم في أحد أقبية معبد أرتيمس.
وتم تأسيس متحف الآثار الأردني عام 1951، ومتحف البتراء القديم عام 1963، ومتحف الحلي والأزياء 1971، ومتحف الحياة الشعبية 1977، ومتحف صرح الشهيد 1977، ومتحف الأردن 2005، ومتحف الأطفال 2007.
كما تم تأسيس المتحف الوطني للفنون الجميلة عام 1980 ومتحف الحياة البرية، وتوالى تأسيس المتاحف تباعا في العديد من المحافظات والمواقع الأثرية والتراثية وذات البعد الوطني والمعرفي، ليصل عددها إلى نحو 30 متحفا.
وتزامن النهوض الثقافي مع الاهتمام بالتعليم منذ تأسيس الدولة الأردنية كمقدمة لإشاعة الثقافة العربية المنفتحة على البعد الإنساني الأعم، إلا أن مأسَسَة العمل الثقافي في الأردن، جاءت مستندة إلى تراكمات في العمل الثقافي الحكومي والأهلي، بدأت بإنشاء دائرة الثقافة والفنون عام 1966 لتكون إطاراً راعياً للنشاط الثقافي في المملكة، بالإضافة إلى ملء الفراغ على صعيد الخدمات الثقافية.
وجاء إنشاء الدائرة من أجل الاهتمام بكل ما يتعلق بالشؤون الثقافية والفنية في المملكة، والتعاون مع الكتاب والمثقفين والفنانين ودعم نشاطاتهم. وشهدت المرحلة التي تمتد من عام 1966 إلى عام 1976، مرحلة بناء العمل الثقافي الحكومي، فصدر أول نظام لنشر الإنتاج الثقافي في الأردن وتوزيعه سنة 1969، وبوشر بنشر الكتب الثقافية، وصدرت أول مجلة ثقافية بعنوان “أفكار” سنة 1966، وصدرت بعدها مجلات ثقافية وفنية عديدة نذكر منها “صوت الجيل” و”الفنون الشعبية” عام 1974.
كما أنشأ الأردن المعهد الموسيقي سنة 1966 بالإضافة إلى فرقة الفنون الشعبية، وتشكلت أول فرقة مسرحية حكومية – أسرة المسرح الأردني عام 1965 واستمر نشاطها حتى عام 1977، والمكتبة الوطنية عام 1975.
النهضة الثقافية والفنية
في عهد الملك الراحل الحسين بن طلال، تطورت الحركة الثقافية في الأردن، وأصبحت مشروع دولة ناجز، استحدثت له المؤسسات والدوائر ووضعت له التشريعات، ففي بداية الخمسينات بدأ النشاط الفني التشكيلي إذ تم تشكيل ندوة الفن الأردنية، ورابطة رعاية الفنون والأدب في عمان، وندوة الرسم والنحت الأردنية، والمعهد الملكي الذي أسسته الأميرة فخر النساء زيد عام 1975 في عمان، كما تأسست رابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين عام 1977، لتشهد مرحلة التسعينات تحولاً مهماً في مسيرة الحركة التشكيلية الأردنية.
وعلى صعيد الكتاب والأدباء تأسست رابطة الكتاب الأردنيين عام 1974، وتضم الأُدباء والكتاب الأردنيين في مُختلف مَجالات الأدب من رواية، وشعر، وقصة، وأبحاث ونقد أدبي وفني وغيرها، والرابطة عضو مؤسس في اتحاد كتاب آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية.
وعقد في عمان مؤتمر الاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب الثامن عشر للمرة الأولى عام 1992، وانتُخب رئيس رابطة الكتاب الأردنيين رئيساً للاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب علاوة على فوز العديد من الكتاب والأدباء والباحثين الأردنيين لاسيما أعضاء الرابطة، بالعديد من الجوائز العربية والعالمية على امتداد المسيرة الثقافية، فيما كانت جمعية المكتبات الأردنية التي تأسست عام 1967، واتحاد الناشرين الأردنيين 1996.
وعلى امتداد هذه الأعوام المئة توسع إنشاء دور النشر الأردنية والتي استقطبت إبداعات عدد كبير من الأدباء والمفكرين والكتاب العرب، ليصل عددها اليوم إلى نحو 167 دار نشر، كما تأسست مجلات متخصصة ومنها التي تعنى بالشأن الثقافي والفكري ونمت حركة الصحافة التي أولت اهتماما كبيرا للشؤون الثقافية في صفحاتها.
وعلى صعيد السينما اعتبر فيلم “صراع في جرش” لواصف الشيخ ياسين الذي تم إنجازه عام 1958 الخطوة الأولى على طريق تأسيس صناعة سينمائية في الأردن، فيما جاءت المحاولة الثانية عام 1962 مع الفيلم الروائي الثاني “وطني حبيبي” لعبدالله كعوش، وعمل غازي هواش على إنتاج فيلم مشترك أردني- تركي، وحقق المخرج المصري فاروق عجرمة فيلم “عاصفة على البتراء” كإنتاج أردني لبناني إيطالي مشترك تم فيه توظيف المناطق الأثرية الأردنية كخلفية للفيلم، حتى جاءت أول مساهمة رسمية في سبيل خلق سينما أردنية عام 1965 بتأسيس دائرة السينما والتصوير التابعة لوزارة الإعلام، ثم تأسيس النادي السينمائي الأردني عام 1979 والذي خلق حراكا نقديا مهما في هذا المجال.
واستقطبت الجغرافية والبيئة الأردنية كمواقع للتصوير أعمالا سينمائية عالمية بدأت بفيلم “لورنس العرب” من إخراج البريطاني العالمي ديفيد لين عام 1962، وصولا إلى “حرب النجوم” الجزء التاسع 2018 وغيرها الكثير.
ويأتي تأسيس الهيئة الملكية الأردنية للأفلام عام 2003 كمحاولة جادة للنهوض بهذا القطاع، ليتوج العمل على صناعة السينما في مهرجان الأردن الدولي للأفلام الذي تقيمه وزارة الثقافة، ويعتبر وصول الفيلم الأردني “ذيب” الذي أنتج عام 2014، إلى القائمة النهائية لترشيحات الأوسكار عن فئة أفضل فيلم أجنبي عام 2016، علامة فارقة في صناعة السينما الأردنية ومحفزا مهما لتطورها فيما أطلقت الهيئة أول مهرجان أردني للأفلام “مهرجان عمّان السينمائي الدولي – أوّل فيلم” في أغسطس 2020.
أما الدراما التلفزيونية الأردنية التي انطلقت مع تأسيس التلفزيون الأردني عام 1968، بأول مسلسل “باب العمود” عام 1968، وبمشاركة نجوم عرب “وضحا وابن عجلان” عام 1975، والذي يعد من أوائل المسلسلات العربية التي تصور بالألوان وأول المسلسلات البدوية، مثلما أنتج التلفزيون الأردني أعمالا عربية مثل مسلسلي “صح النوم” و”ملح وسكر”، لتفرض نفسها في عقود السبعينات والثمانينات بقوة على خارطة الإنتاج العربي حيث أصبحت منافسا قويا للإنتاج الدرامي العربي وحازت على ثقة وتقدير المشاهد الأردني والعربي على حد سواء.
فيما كانت من أولى الأعمال الإذاعية بأسلوب درامي والتي استقطبت جمهور المستمعين “مضافة أبومحمود” (1959-1960)، وقدم عبر أثير الإذاعة الأردنية التي تأسست عام 1948 وانطلق منها عدد من نجوم الغناء العربي ومنهم؛ سميرة توفيق وفهد بلان وهيام يونس، ودلال الشمالي وسماهر وغيرهم.
أما مرحلة التأسيس الحقيقي للمسرح الأردني فكانت ما بين الأعوام 1960 و1969 إذ اتصفت هذه المرحلة بالأكاديمية وكانت انطلاقاتها من مديرية رعاية الثقافة التابعة لوزارة الإعلام حينها، وإيجاد قسم المسرح، ثم الحراك المسرحي في الجامعة الأردنية، وعقدت أول ندوة للمهتمين بالمسرح في الأردن عام 1978، لتتوالى الإنجازات ويتسع الفضاء المسرحي وينطلق مهرجان المسرح الأردني في دورته الأولى عام 1991 وبعدها تتوالى وتتعدد المهرجانات المسرحية.
أما على صعيد الموسيقى فقد قامت الدولة بدعم الحركة الموسيقية والمساهمة بإنشاء مؤسسات وهيئات داعمة لهذا الفن مثل مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، ومعهد الموسيقى، وفرقة الرقص الشعبي، والمعهد الوطني للموسيقى، علاوة على الأكاديمية الأردنية للموسيقى، فيما شهدت فترة السبعينات والثمانينات إنشاء روابط فنية تعنى بالفنون الدرامية والموسيقية ما لبثت أن صبت في بوتقة نقابة الفنانين الأردنيين التي تأسست عام 1997.
وفي ظل هذه الفضاءات التي وفرتها الدولة وتُعنى بدعم الثقافة والفنون تم إطلاق “مهرجان جرش للثقافة والفنون” الدولي السنوي عام 1981، والذي يعد من أبرز المهرجانات العربية والعالمية، مما شجع المجتمعات المحلية ومؤسساتها على إطلاق مهرجانات تعنى بالثقافة والفنون ومن أبرزها “مهرجان الفحيص.. الأردن تاريخ وحضارة” والذي تأسس عام 1990، لتؤكد الدولة اهتمامها بالموسيقى بإطلاق مهرجان الأغنية الأردنية في سبتمبر عام 2001، مما أسهم برفع الذائقة الفنية، وانتشار الفرق الفنية الغنائية والموسيقية.
المناخ الإيجابي
نشطت الحركة الثقافية في الأردن في ظل المناخ الإيجابي، بعد أن تأسست لها مؤسسات خاصة وجمعيات ودور وروابط واتحادات وغيرها، إضافة إلى البنى التحتية التي شيدت خلال عمر الدولة الأردنية وأسهمت في احتضان الفعاليات الثقافية والفنية المختلفة، ومن مؤسسات القطاع الخاص التي برزت على الصعيد الثقافي مؤسسة عبدالحميد شومان.
وتأخذ الدولة على عاتقها التوسع في إنشاء مراكز ثقافية في جميع المحافظات الأردنية ومنها مركز الملك عبدالله الثاني الثقافي في الزرقاء ومركز إربد الثقافي ومركز الأمير الحسن الثقافي في الكرك، ومركز جرش الثقافي، ومركز عجلون الثقافي، ومركز الأمير الحسين بن عبدالله الثاني الثقافي في معان.
ومع تطور الحركة الثقافية صدر أول نظام لجوائز الدولة التقديرية للآداب والفنون رقم 19 لسنة 1977، وعقد في عمان أول مؤتمر لوزراء الثقافة العرب العام 1976، وصدر عنه “بيان عمان” الثقافي الذي أصبح دستوراً شاملاً للحركة الثقافية العربية.
وأقيم أول مهرجان لأغنية الطفل العام 1993، كما أقيم مهرجان الأغنية الأردنية الأول بمبادرة من رابطة الموسيقيين الأردنيين آنذاك عام 1993، وأصبحت المكتبة الوطنية دائرة قائمة بذاتها، وصدر قانون حماية حق المؤلف رقم 22 لسنة 1992 وأسس متحف الحياة السياسية عام 1994، الذي يؤرخ لنشاط الدولة الأردنية، واتخذ من مبنى مجلس الأمة القديم مقراً له.
كما تطور في الألفية الثانية مشروع النشر من خلال مشروع المدن الثقافية الذي أطلقته وزارة الثقافة عام 2007 فكانت المدن تنشر من 30 إلى 35 كتابا، وفي عام 2007 أطلقت الوزارة مشروع مكتبة الأسرة الأردنية، إذ يطبع في كل دورة نحو 50 عنوانًا، ويهدف إلى إصدار العديد من المؤلفات في مختلف المعارف الإنسانية وبيعها بأسعار رمزية للحث على القراءة والاهتمام بالكتاب.
ويبلغ معدل ما تصدره الوزارة سنويا 180 كتابا، مثلما تصدر عنها مجلات “أفكار” و”فنون” و”صوت الجيل” و”وسام”، إضافة إلى متابعتها التوسع في النشر من خلال سلسلة “فكر ومعرفة”، وسلسلة “الفلسفة للشباب”، وسلسلة “الكتاب الأول”، وسلسلة “سرد وشعر”، وسلسلة “شغف”.
وتتويج الحراك الثقافي الكبير للأردن كان باختيار عمان عاصمة للثقافة العربية العام 2002، وتم الاحتفال بها لمدة عام كامل، أقيمت خلاله العديد من الفعاليات الثقافية والفنية المحلية والعربية والدولية وكانت نموذجا يحتذى به بفضل اللجان الفاعلة من جميع المؤسسات الحكومية والأهلية لإنجاح هذه الاحتفالية.
وترسخ العمل الثقافي باختيار عمّان عاصمة للثقافة العربية، وتم تنفيذ فعاليات القدس عاصمة الثقافة العربية عام 2009، وتنفيذ فعاليات عمان عاصمة الثقافة الإسلامية عام 2017.
وقدمت وزارة الثقافة الأردنية تجربة مهمة بعنوان “مشروع المدن الثقافية الأردنية” عام 2007، بهدف تحقيق عدالة توزيع مكتسبات التنمية الثقافية وتعزيز تنمية الحراك الثقافي في مدينة الثقافة، والمساهمة في إرساء البنية التحتية للثقافة في الأقاليم والمحافظات وتشجيع الإبداع والمبدعين، وتتجسد أهمية المشروع بكونه الأول من نوعه في تاريخ الأردن، وفي الدول العربية.