التفاصيل الكاملة لختام مهرجان عمان السينمائي وقائمة الجوائز
أغسطس 8, 2024فلسطينيون يوثّقون الإبادة «من المسافة صفر»
أغسطس 8, 2024تعدّ العلاقة مع الأمّ، التقدم في العمر، والهجرة، والعائلة، والحب والموت، من أكثر القضايا المطروقة في السينما، و«وحشتيني»، يعرّج عليها جميعاً بالتساوي تقريباً. بعد أكثر من 20 عاماً، تعود سو (نادين لبكي) إلى موطنها مصر لزيارة والدتها فيروز (الممثلة الفرنسية فاني أردان) التي ترقد على فراش الموت. عندما كانت صغيرة، هربت سو من عائلتها الأرستقراطية وأمها لأسباب عديدة. اليوم، تضطرّ إلى العودة، والرحلة التي تقوم بها من القاهرة إلى الإسكندرية فيها الكثير من الأحداث التي تسمح لها بإعادة اكتشاف جذورها. الطريق هي رحلة إلى ماضيها، مليئة برؤى جميع النساء في حياتها. تزور بعض أفراد الأسرة، والأماكن التي تحمل ذكريات خاصة. طوال الفيلم، نبقى مع سو التي تبدو ــ منذ البداية ــ عاجزة عن التمييز بين الواقع والخيال والهلوسة. ترافقها في هذه الرحلة والدتها وطفل صغير، لكنّ حضورهما يأتي كخيال، كحلم، ويتفاعلان معها. هل تفقد عقلها أم أننا وهي نعيش في الخيال؟ ربما قليلاً من كليهما.
«وحشتيني» دراما نوستالجية خفيفة، لا تحتوي على الكثير من اللحظات المتفجرة المناسبة لهذا النوع، لكنها تسير بخطى جيدة. ما يقدمه لنا روغلي هو مجموعة من اللحظات والمشاهد البسيطة بين سو والأشخاص الذين تقابلهم، وكل منهم يمثل فرصةً للتعرف إليها أكثر، بينما نتعرف إليها وإلى علاقتها مع والدتها. تظهر والدتها بين الحين والآخر لتعلّق على كل شيء في حياة سو، ويقضي الفيلم كل الوقت في مناقشة أسباب هذه العلاقة المضطربة. معظم الأحداث والدراما في الفيلم تأتي من المحادثات بين سو وخيال والدتها والطفل الصغير الخيالي. يحاول روغلي أن يعطي فيلمه بُعداً نسوياً إلى حد ما، عبر الطفل الصغير، الذي يكون بمثابة سؤال عن تخيّل حياتها لو أنّها ولدت ذكراً. لا يقدّم روغلي هذا النص الفرعي بطريقة عميقة، يتركه عائماً بعض الشيء، ما يثير القليل من التساؤلات، التي سرعان ما تختفي مع تقدّم الفيلم.
يتعامل روغلي بشكل كلاسيكي جداً مع فيلمه، فصورته مريحة وأنيقة ومباشرة. يأخذ وقته مع اللحظات، يمشي مع سو في شوارع القاهرة وتصبح البيوت والأماكن متناغمةً مع إيقاع الفيلم. يمشي الفيلم بهذه الطريقة طوال الوقت، حتى نصل إلى الطريق الصحراوي الذي يربط القاهرة بالإسكندرية، بينما تقود سو سيارتها وبجانبها رؤى والدتها. في تلك اللحظة، يصبح الفيلم مباشراً جداً، يشرح نفسه بنفسه، أو تقريباً يقدّم لنا ملخّصاً على كل ما شاهدناه سابقاً. إن الخفّة الذي تعامل بها روغلي مع فيلمه والأحداث، يجعل من مشهد الذروة هذا غير فعّال، ولا يقدم أي شيء جديد، ولا يعطي القوة المناسبة المرجوة منه.