افتتاح مهرجان عمّان السينمائي الدولي أوّل فيلم في ظروف استثنائية
August 25, 2020ندى دوماني: مهرجان عمّان السينمائي الدولي منصة لدعم صنّاع الأفلام
August 25, 2020عمّان – في “البؤساء” الفيلم الروائي الأول الطويل للمخرج المالي الفرنسي لادج لي، الذي افتتح به مهرجان عمّان السينمائي الدولي-أول فيلم؛ تكمن القيمة في الطريقة التي تُروى بها الأحداث في قصة من وحي الواقع.
تجربة فريدة هي أن تشاهد فيلما في السيارة، من خلال سينما السيارات التي استحدثها المهرجان من أجل تحقيق أقصى اجراءات السلامة والوقاية الصحية بسبب وباء كورونا ولعرض أفلامه وإقامة فعالياته برغم كل التحديات التي واجهها.
واصطفت نحو 200 سيارة في منطقة البوليفارد – العبدلي الجديد في عمّان بانتظار الافتتاح، وتم توجيه الجمهور في سياراتهم إلى أماكن الوقوف المخصّصة لهم.
واستُهل الافتتاح بحفل موسيقي أحيته المجموعة الموسيقية الأردنية تكريماً للملحن والموسيقار الإيطالي إنيو موريكوني، الذي أحدث ثورة في المعزوفات للأفلام ورحل عن هذا العالم الشهر الماضي.
وحضر حفل الافتتاح الأمير علي بن الحسين، رئيس مجلس مفوضي الهيئة الملكية الأردنية للأفلام، والأميرة ريم علي، رئيسة المهرجان، التي أطلّت عبر الشاشة مخاطبة الجمهور بكلمة ترحيبية.
قد يكون عنوان الفيلم مرتبطا برواية الروائي الفرنسي فكتور هوغو، لكنها تنتمي لعصرنا الحالي، بين تأثير الهواتف الذكية وطائرات الدرون، العنصرية، القمع، عنف الشرطة وقضايا المهاجرين في فرنسا.
تأتي المشاهد تحديدا في مقاطعة ضاحية مونتفرماي، حيث تقع الأحداث عن مواجهات رجال الشرطة في حي معروف بالمشاكل، عن ثلاثة رجال شرطة هم ستيفان (الشرطي الذي انتقل اخيرا الى باريس) وكريس وجوادا (شرطي بشرته سوداء) وهما معروفان في المنطقة ولهما خبرة فيها، حيث تحصل مطاردات تقود لمواجهة من أبناء الحي المراهقين.
الشرطي الجديد هو العين التي تنقل للمشاهد كل شيء، كونه لا يملك أي علاقة مباشرة أو معرفة بالحي وخفاياه، فيما تلتقط كاميرا لادج لي كل التفاصيل وكأنها تفاصيل موثقة.
المشهد الافتتاحي اختاره المخرج لي لمشهد الفوز بكأس العالم العام 2018، هتافات البلد كله، الجميع يهتف ويحتفل، تناغم يخلو من العنصرية لكن الحقيقة مختلفة تماما عندما يتم الدخول بعمق لأحداث الفيلم.
في رواية فيكتور هوجو في العصر الحديث، كانت رواية المخرج السينمائي لادي لي صيحة في مواجهة القمع. منطقة الصراع أي ضاحية مونفرميل، تجمع سكاني كثيف المشاريع السكنية شرق باريس، فالشوارع مليئة بالأطفال، أو يلعبون كرة السلة أو يستخدمون قطعا من الورق المقوى زلاجات بديلة أو الركض.
الحكاية التي تتحول لمغامرة هي حينما يقوم المراهق عيسى (11 عاما) بسرقة شبل صغير، طفل من المهاجرين حيث لا يريده والده بسبب تصرفاته وتاريخ بالسرقات الصغيرة التي تتحول هذه المرة لمواجهة عنيفة وثقتها صورة انستغرام وكاميرا دورن.
تتوالى الأحداث، وتتعقد حين يتعرض عيسى لاطلاق نار، ولاحقا محاولة انتقام تفجر فيها دوريات الشرطة، وسط نهاية مفتوحة تنتهي بمقوله فكتور هوغو في روايته: “أصدقائي.. تذكروا هذا: لا يوجد عشب سيئ ولا رجال سيئون؛ يوجد فقط مزارعون سيئون”.
فيلم لادج لي يُظهر بشكل سرّي التحكم في التجهيز والتصوير في كل مكان، لمحاكاة الشكل الوثائقي مع الحفاظ على إحكام قبضته على تماسك السرد.
بداية الفيلم ونهايته تظهر مفارقة كبيرة بين الانطلاق بشكل مبهج وطاقة وذكاء ونهاية شبه سوداء ومجهولة، يُعرض فيه وحشية الشرطة وهي قضية عامة تطال جميع الدول وانقسامات المجتمع.
ومع نهاية التوتر العصبي الذي ينتهي به الفيلم يريد لنا “البؤساء” أن نفكر فيه هو: ما فعلناه كمجتمع، وما زلنا نفعله، وما الذي يمكن عمله لتغيير الأمور قبل فوات الأوان.
المهرجان مستمر
إلى جانب الأفلام المعروضة في سينما السيارات، سيتم عرض 10 أفلام تتنافس على جائزة السوسنة السوداء لأفضل فيلم وثائقي عربي طويل في المسرح الخارجي للهيئة الملكية للأفلام.
وسيتمكن عشاق الأفلام من مشاهدة أفلام وثائقية جريئة، تحثّ على التفكير من ثماني دول عربية مختلفة: “إبراهيم الى أجل غير مسمى”، “نحن في سجونهم”، “بيروت المحطة الأخيرة”، “حكاية ممثل خرج عن النص”، “الشغلة”، “فتح الله تي في، 10 سنوات وثورة لاحقا”، “نوم الديك في الحبل”، “في المنصورة، تفرقنا”، “مجانين حلب”.
أمّا الأفلام الدولية المختارة للعرض، فهي مزيج من الأفلام الروائية والوثائقية، وتتضمن: الفيلم الكولومبي “وادي الأرواح”، الفيلم البرازيلي “الحمّى”، الفيلم الإيراني “ذات مرة امرأة”، الفيلم الإيرلندي “غزة”، الفيلم الإيطالي “النسور الضالة”، الفيلم الكرواتي “النجم الصغير الصاعد”، الفيلم الكندي “صمت النهر”، الفيلم الفرنسي “سنونو كابول”، الفيلم الأمريكي “ميكي والدب”، الفيلم الكردي “لأجل الحرية”. وتتنافس جميعها على جائزة الجمهور.
علاوة على ذلك، تتنافس 10 أفلام قصيرة، من بينها ثلاثة أفلام أردنية قصيرة، على جائزة السوسنة السوداء لأفضل فيلم روائي عربي قصير، وهي: “الخروج”، “جلدة”، “رام”، “عودة الروح”، “آدم”، “الفخ”، “هدى”، “وحيد القرن”، أحنّ إليك، أحنّ إليّ”.
وستقوم ثلاث لجان تحكيم مؤلفة من محترفين سينمائيين أردنيين وعرب ودوليين بالتباحث عبر الإنترنت واختيار الأفلام الفائزة التي ستحصل على جوائز نقدية.